لماذا هناك إشكالية للجنس في القرآن؟
الإجابة ليست سهلة، لأن مفهوم الجنس يحمل دلالات جمة، ويثير تساؤلات كثيرة.
ولكن الذي يمكننا قوله هو أن حركية الجنس في القرآن تظهر لصالح الرجل وسلطته. لا لأن القرآن أمر بذلك مباشرة، وإنما لأن الآيات التي احتوته، وهي عديدة ومتنوعة، ولا تفهم مباشرة، تبدو مثار تساؤلات، ويكون فيها حضور الرجل بكل سلطته وتفرده بالسلطة هذه، أو قيادته للمرأة قويا وجليا، ويظهر مفهوم الجنس بالتالي مطبوعا بخاتم السلطة المذكورة.
فالرجل يظهر هو الأصل (أي آدم) الذي تفرع لاحقا (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء).
ويحق للرجل أن يتزوج أكثر من واحدة، ويمكن أن يؤول النص القرآني في خدمته، كما حصل في مختلف العصور العربية – الإسلامية، بحيث بقيت صورة المرأة مرادفة “فعلا” للضلع المعوج (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا).
فإضافة إلى المسموح به، هناك الجواري السراري، وغيرهن، ورغم أن القرآن يربط بين غياب العدل وتعدد الزوجات، ولا يمكن للرجل أن يعدل بينهن – كما يقول ابن كثير مستشهدا بالآية القرآنية (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم) – لكن الجواري والسبايا والإماء لم يبت في أمرهن. وهذا أعطى مجالا واسعا لذوي النفوذ والمتنفذين من الذين تتوفر لديهم الإمكانيات المالية، وذوي الشأن في أن يتصلوا بما لا نهاية له من النساء.
إضافة إلى الإختلاف في الميراث … هناك تفضيل للرجال على النساء، الذي شرعن كل استبداد للرجل على المرأة وعلى أكثر من صعيد، وكان مسموحا به من باب الرضع والإحتياط، واستثناء، كما في حال (العصيان) عصيان المرأة لزوجها، أصبح قاعدة معاقبة ومراقبة ومحاسبة (الرجال قوامون على النساء بما فضل بعضهم على بعض).
فالصورة التي كانت متداولة عن المرأة قبل الإسلام، لم تمح، بل وجدت مجالا رحبا لها، على أكثر من صعيد، وخاصة من خلال آيات أعطت القيادة للرجل، وفهمت هذه القيادة باعتبارها سلطة مشروعة، منصوص عليها إلهيا. وهكذا يكتسب الدنيوي قداسة دينية.
الجنس في بعده الأخروي
يشكل النص القرآني مرجعا أساسيا، بل ومغريا، لمن يريد معرفة كيف هن نساء الجنة. لكن السؤال بداية: لماذا نساء الجنة؟ ….
ولكن ما الغاية من الحديث عن هذا ألكم الهائل من النساء الجميلات في الجنة؟. وهل هناك دافع معين لذكر وتحديد النساء بهذا الشكل من الجمال والجاذبية وإطاعة الجناتي؟
ألا تبدو نساء الجنة في منتهى السلبية من خلال خضوعهن المطلق لرغبات من ينالهن، أو يوهبن له؟، حيث يتحولن إلى هبات، أعطيات للرجل، دون تحديد لملامحهن الداخلية؟
النساء هؤلاء، مجردات من كل تفكير، مصوغات ومكونات وفق رغبات الرجل، شبقيات كما يريدهن الرجل، مثيرات كما يبتغيهن الرجل كذلك جاهزات له، مستجيبات لمطالبه في كل لحظة.
النساء هؤلاء هلاميات، موصوفات بالجمال الأخاذ، والاستعداد التام لتلبية رغبات الرجل، ولعل صفتين فيهن تلفتان النظر: سحر الجسد المثير، والبكورة الدائمة مع صغر السن، وهما كافيتان دائما لأنهاض الرجل .. إن بكورة متجددة تقابل ذكورة فحولية متجددة كذلك
المخاطب في الجنة والمعنى به هو الرجل، والمرأة هي جسد فقط وحضورها ملحق بشهوات الرجل.
تذكرنا الأوصاف المذكورة للجنة، ومكوناتها، من حيث الغنى، ببيئة قاحلة ورجال خشنين، للجنس حضور كبير في أذهانهم (وشبه الجزيرة العربية تذكر هنا مباشرة بمحيطها المادي والبشري).
ثمة فزع ينتابنا، ونحن نقرأ هذه الأوصاف، بخصوص التفاوت الفظيع بين الرجل والمرأة .. فالجنة نفسها محكومة بسلطة الرجل ولغته ورغباته.
مقتطف من كتاب “الجنس في القرآن” 135 – 156. من تأليف إبراهيم محمود. إصدار: رياض الريس 1998
عندما يفكر الأدب / آلان باديو
مدارات ادونيس – الحقيقة طريق، سؤال متواصل
العنـــف الرمـــزي عند بيير بورديو