تصف رسالة الغفران رحلة متخيلة لابن القارح الى السماء العليا ومحاوراته مع شخصيات أدبية أو لاهوتية. يحمل نص رسالة الغفران رؤية فلسفية تتميز بمعالجة وجودية لمفاهيم في الأدب واللاهوت.
باب الجنة
فلما صرت إلى باب الجنة، قال لي رضوان: هل معك من جوازٍ؟ فقلت: لا. فقال لا سبيل لك إلىالدخول إلاَّ به فبعلت بالأمر، وعلى باب الجنة من داخلٍ شجرة صفصافٍ، فقلت:أعطني ورقةً من هذه الصفصافة حتى أرجع إلى الموقف فآخذ عليها جوازاً، فقال: لا أخرج شيئاً من الجنة إلاّ بإذنٍ من العلي الأعلى، تقدس وتبارك. فلما دجرت بالنازلة، قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون! لو أن للأمير أبي المرجى حازناً مثلك، لما وصلت أنا ولا غيري إلى قرقوفٍ من خزانته. والقرقوف: الدرهم.
الحور العين
ويخطر في نفسه، وهو ساجد، أنَّ تلك الجارية، على حسنها، ضاويةٌ، فيرفع رأسه من السجود وقد صار من ورائها ردف يضاهي كثبان عالجٍ، وأنقاء الدهناء، وأرملة يبرين وبني سعدٍ، فيهال من قدرة اللّطيف الخبير ويقول: يا رازق المشرقة سناها، ومبلغ السائلة مناها، والذي فعل ما أعجز وهال، ودعا إلى الحلم الجهال، أسألك أن تقصر بوص هذه الحورية على ميلٍ في ميل، فقد جاز بها قدرك حد التأميل. فيقال له: أنت مخير في تكوين هذه الجارية كما تشاء. فيقتصر من ذلك على الإرادة.
أمرؤ القيس
ويقبل على كل واحدةٍ منهما (حورية من الحور العين) يترشف رضابها ويقول:إنَّ امرأ القيس لمسكين مسكين! تحترق عظامه في السعير وأنا أتمثَّل بقوله:
كأن المدام وصوب الغمام وريح الخزامى ونشر القطر
يعلُّ به برد أنيابها إذا غرد الطَّائر المستحر
الحلاج
وكم افتري للحلاج، والكذب كثير الخلاج، وجميع ما ينسب إليه مما لم تجر العادة بمثله فإنه المين الحنبريت، لا أصدق به ولو كريت. ومما يفتعل عليه أنه قال للذين قتلوه: أتظنون انكم إياي تقتلون؟ أنمّا تقتلون بغلة المادراني وأنّ البغلة وجدت في إصطبلها مقتولة. وفي الصوفية إلى اليوم من يرفع شأنه، ويجعل من النجم مكانه. وبلغني أنَّ ببغداد قوماً ينتظرون خروجه.وهم يقفون بحيث صلب على دجلة يتوقَّعون ظهوره. وليس ذلك ببدع من جهل الناس،
الفرزدق
ويقال: إنَّ الفرزدق مر وهو سكران على كلابٍ
مجتمعةٍ. فسلَّم عليها فلما لم يسمع لجواب أنشأ يقول:
فما رد السلام شيوخ قومٍ مررت بهم على سكك البريد
ولا سيما الذي كانت عليه قطيفه أرجوانٍ في القعود
لبيد والأعشى
ويقول لبيد: سبحان الله يا أبا بصير، بعد إقرارك بما تعلم، غفر لك وحصلت في جنة عدن؟ فيقول مولاي الشيخ متكلّماً عن الأعشى: كأنك يا أبا عقيلٍ تعني قوله:
وأشرب بالريف حتى يقال: قد طال بالريف ما قد دجن
صريفيةً طيباً طعمها تصفَّق ما بين كوبٍ ودن
وأقررت عيني من الغانيات إما نكاحاً وإما أزن
وقوله:
فبتُّ الخليفة من بعلها وسيد تيا ومستادها
وقوله:
فظللت أرعاها، وظلَّ يحوطها حتى دنوت إذ الظلام دنا لها
فرميت غفلة عينه عن شاته فأصبت حبة قلبها وطحالها
السن الذهبية / ادريس خالي
نصوص / تغريد عبد العال
مختارات من “ومخالب إذا لزم الأمر” / خالد أبو بكر