تجريب
كل َ ليلة ٍ
– تقريباً قبل أن تنام –
تملأ الشباك البعيد بنصف ِ جسدها
الذي يوشك أن يختفي ،
وتمنّي نفسها بعبور ِ رجل ٍ ،
أي ًّ رجل ْ ،
فقط ليلمحها وهي تمشط شعرها
فيرتبك ُ المشط ُ ،
وتتنهد ُ هي مثل َ عمال ِ المناجم ِ
وهم يتخيلون الساعات ِالطويلة ِ
التي أهدروها في الظلام ْ..
.
كفي إنه هناك
مضاء ً بخسارات ٍ تركت ْ مزايا صغيرة ً
حول َ أنفه ِ..،
كان يمكنه ُ أن يشتم رواد َ المقهى
عود َ الثقاب ِ الذي تكسّر قبل أن يشعل سيجارته ُ ،
كفل َ مراهقة ٍعبر سريعاً دون أن يواسيه ِ
على صلابة ِ خشب المقعد تحت َعظامه ْ..،
أكثر َ من هذا
كان يمكنه ُ الترويح َ عن نفسه ِ بالتفكير في العلاقة الجديدة
التي أنشأها بين يديه ِالمرتعشتين ِ وصدأ ِالخاتم الذي
حاول بلا طائل ٍ أن يجعله ُ يترك ُ جلد إصبعه ,
لكنه يترك كل هذا ،
فقط يعدّل ُ بنطاله ُ الذي سقط قليلا ً أسفل َ خصره ِ ،
يتأهب ُ .. ،
كأنه ُ قد يفعل ُ شيء ْ..
ضمادات قد تفيد
الرعشة ُ
واهتزاز ُ الورقة في يديه ِ،
حلقه ُ الناشف ،
زوغان ُ عينيه ِ وهو يحاول ُ أن يعثر َ على ثقب ِ اهتمام ٍ
في حائط ٍسميك ٍ يضحك ُ
أو يستمنى ،
…………،
ليس عدلاً أن يستمر ّ هذا ،
ضمّدوه ُ ولو بنظرة ٍ
وتضامنوا – ولو من باب ِ الشفقة ِ –
مع شحوب ِ يديه ْ ..
سهرات اضطرارية
مرآة ٌبحجم ِ الكف ِ تسهر حتى ساعة ٍ متأخرة ٍ من الليل ،
حلمتان ِ ملتهبتان ِ
ليس من دروس الطبخ التي تركت آثارَ أظافر ِ أمها
أسفل َ فخذها
ورائحة َ الثوم ِ في قميصها البيتي ,
…………….
شياطين ٌ صغار ٌ يجتمعون حول خصرها
وهي تنفض ُ الغبار َ عن أثاث ِ البيت
وتلمّع ُ الزجاج َ وذكرياتها القليلة
بينما أغنية ٌهابطة ٌ تدور ُ
وبالصوت ِالعالي تكرر ُ نفسَها
لكنها لا تفلح في غواية شباك ٍ مغلق ٍ منذ نهارين ِ كاملين ِ
كعتاب ٍ .. ،
أو ربما كعقاب قاس ٍ ..
بلا نصب تذكاري
مع الحكّة ِ
والأعراض ِ التي أفْهَمَها الطبيب ُ بأنها نصف ُ الحقيقة
كان على غصن ِ الشجرة ِ الذابل ِ
المُلهم ِأيضاً
أن يدخل َرأسها كحلم ،
ويشارك يد َ المكنسة ِوالقليل ِ الصالح ِ من قطع الأثاث
بعد أن تحولوا – في غيبة أبيها وأمها – لجنود مجهولين
بلا نصب ٍ تذكاري ٍ يخلّد ُ أدوارهم النشطة ،
…………………
…………………
لو انتبهت قليلا ً
لرأت ْ أن أحد أصابعها قد غافلها
ليزحف كدودة ٍ عمياء تعرف الطريق إلى جحرها ..
( من صحراء احتياطية )
أشرف العناني: شاعر مصري يكتب قصيدة النثر ولد بحلمية الزيتون بالقاهرة في 13 أكتوبر 1964 . ضمت مجموعته الشعرية صحراء احتياطية تسعة عشر قصيدة منها : قاطع طريق , سنوات , ليسوا هامشيين تماماً , المشي في المكان باستمرار إلى أندى , مزايا أن أيأس , الأشرار لا يدخلون الجنة
السن الذهبية / ادريس خالي
نصوص / تغريد عبد العال
مختارات من “ومخالب إذا لزم الأمر” / خالد أبو بكر