ميرو
هذه اللوحة ، كادت ان تشبه الشرائط الملونة التي تصنعها لي فتاة صغيرة في مدرسة قرب البحر ، الأزرق الذي سكنته لا يشبه الآن هذه الشقة ، لكن هنا أيضا سأستضيف ميرو كلما وجدت أن هذه النافذة قد تختلف عن نافذته السريالية . وحبيبي يغطي الجدران بالنوافذ كي أصطدم بغرفتي وكي تخرج الألوان من الرأس .
كل بحر اخترناه سيترك لنا صفحة من الرمل .
أنا هنا وحدي الآن ، وحقيبتي لا تزال مسروقة ، حفظت الشوارع وفقدت احساسي بالمكان حتى ذهبت الى أقرب مكان بعيد ، وعلى الألم أن يذكرني الآن بغرفتي : الحقيبة الكبيرة التي أردت أن أضع فيها مكتبة كبيرة وسرير وأشياء حميمة ، اذا هذا التسكع ، هو الوحيد القادر على فهم هذه الأشياء .
كلما ضاع مفتاح صغير تذكرت أني احب الموسيقى ، نحن نضع الأشياء في مكانها كي لا نتذكر.
جثة
أوراق تزحف في الليل الطويل ، ثم تتشكل على شكل بشر تائهين : لم يجدوا الله ، في قصة صغيرة (امسكتها فازدادت رغبتي في قراءتها) ، يحترق كونغرس العالم ، هذا لأن بورخيس يقول أمضيت وقتا طويلا في هضم الاوراق حتى استطعت أن أقول ما أقول .
الورقة المحترقة الآن تتراقص حتى تصبح على شكلي ، ويخرج منها دخان كثيف ، اجعلك تراقب وتبكي او تبتسم ، لن يتغير شيء ثم أرفع رأسي وتنظر الى بقع صغيرة في جسدي ، لعلك ترى المنطقة التي سميتها باسمي.
طريق أبيض
الكلمات تنسحب كما لو أنها تتبخر .. هناك كأس فارغ سأجلس فيه ، الحجم الحقيقي الآن أني سأفرغ نفسي ، أناملك الملتفة تتلقاني مثل ذكرى ثقيلة ـ سقطت من مكان حلمنا به على أنه الأمس ، الآن وأنا أتأمل الأبعاد ، أتذكر المكعب الصغير ، الأوجه الثمانية بيضاء ـ النقاط السود ـ نعم النقطة الواحدة كما لو أنها حياة نراها كل مرة مضافة على وجهنا وعلى صفحة بيضاء .
كتابة
ومنذ هذه اللحظة لا أعرفها ، تخرج من البيت بأقدام نحيفة مسرعة مثل ظل وراء الشجرة ، استمعت كثيرا الى الأحاديث ، حتى تحولت الى سمكة ، شاهدت الأكواريوم الكبير وغطته بحشائش خضراء ، ثم أقفلت الباب بهدوء ، وبقي الشجار الحاد ذو النبرةالمتدفقة مثل أوركسترا ، وراء النافذة .
بكاء
أراها تسيل ، البحيرة بعيون أرنب ، خرجت منها كل الفئران المختبئة ، رأيت الرجل المسكين يجلس على طرفها بسيارته السوداء ، قائلا بضحكة مجنونة : لماذا؟ أنا أحبك ، اتابع السير تحت الشمس ، واللقاء بصوت ضفدع بعيد في العمق يتحدث مع الطائر الوحيد ويترك كل هذا الصمت يمشي مع رحيل السيارة السوداء.
السن الذهبية / ادريس خالي
نصوص / تغريد عبد العال
مختارات من “ومخالب إذا لزم الأمر” / خالد أبو بكر