هزّت الصور العارية للمصرية الشابة عالية المهدي على مدونتها عصب الذهن العربي الذكوري شديد العفونة، لكنها لم تهز أعضاء هذا الذهن التناسلية، فالعرب تعودوا على سرية الإغواء، وعتمته، كلنا نعرف أن التلصص ثيمة مركزية في الإثارة الجنسية في حياة أمة العرب (المجيدة)، لماذا لا يشعر العربي بإثارة جنسية حين يرى سائحة شبه عارية في البحر؟ ولماذا يشعر أمامها بوجع في ذهنه وقلبه، وجع غامض يتلخّص في وعيه بأسئلة حارقة وقديمة، تشبه عقدة ذنب تاريخية: لماذا لا تمشي نساؤنا هكذا؟ لماذا أشعر بالدونية والخسارة أمام هذه المرأة الأجنبية؟ ولماذا أكاد أموت من الإثارة لمجرد رؤيتي قدم امرأة عربية محجبة تمشي حافية على الشاطئ؟.
لست طبيباً أو عالم اجتماع لأجيب، فقط أقدر على القول إن صور عالية فتحت الباب واسعاً لفضاء نقاشات ونهارات أسئلة محرجة يعاني منها العربي ذهناً وجسداً، دون أن يعرف أنه يعاني وهنا الكارثة، أظن أن ما أغضب الذهن العربي الذكوري والذكوري الأنثوي، من الصور، هو علنيتها وجماعيتها وانكشافها أمام الكل، لو قامت عالية بإرسال صورها إلى بريد من هاجموها دون أن تنشرها علانية؛ لسعد بذلك مهاجموها، ولسعوا للتواصل معها تحت شعار أنها متمردة وشجاعة، الأمر يشبه، تماماً، أن تقوم صديقة حميمة لشخص ما بالانفتاح الجسدي على أصدقاء آخرين، الشخص سيطير صوابه ولن يغفر لها ذلك وسيتهمها بالانحلال، مع أنه كان يصفها بالاختلاف والحداثة، بالشجاعة وهي معه على السرير.
أتذكر الآن طفولة أبناء أخي ذكوراً وإناثاً وهم يتراكضون عراةً بشكل شبه كامل بيننا في البيت، أتذكر الأمهات وهن يردعن بحزم البنات الصغيرات جداً عن انكشاف أعضائهن، بينما بقي الأولاد يركضون بحرية تماماً، بخصى راقصة يميناً وشمالاً، وكان جدي أحياناً يتحسس وهو شبه الأعمى خصيتيّ ولد من أولاد أخي ويعبّر عن رضاه وتفاؤله لسبب ما لم أعرفه آنذاك. وفق هذا السياق التاريخي الاجتماعي المنافق المدمر لم يردع أحد ذلك الشاب الذي نشرت عالية صوره، أيضاً، إلى جانب صورها، كان ينقص فقط صورة جد هذا الشاب شبه الأعمى وهو يتحسس خصيتيه ليتأكد من نسل صحي قادم وفحولة ذكورية عربية مشرفة.
هذا عن الذهن الذكوري، أما الذهن الأنثوي الذي يتضامن مع الذكوري في الهجوم على عري البنت الشجاعة عالية، فهو قصة أخرى حزينة من قصص الذهن العربي.
أهو ربيع للجسد العربي؟ لا أدري. ربما، وربما هو مجرد حادثة عابرة فردية نتجت عن ضجر بنت عربية من نفاق موقف ذكوري رخيص ما تعرضت له. في كلتا الحالتين البنت شجاعة وحديثة تماماً وتستحق دهشتنا الجميلة.
سؤال لي: هل أنت مستعد يا زياد أن تتعرى ما دمت تدافع عن الحق في التعري؟
جواب لي: لا أستطيع للأسف رغم رغبتي بذلك لأني جزء من عفن المشهد العام، أقول ذلك فخوراً بوعيي لكوني كذلك.
الكاتب والمحَرَّم – مع ناصر الظفيري
رهائن في عقل زوكربرغ / زادي سميث
الكاتب والمحَرَّم – مع راجي بطحيش